مرحلة إنتقالية أم فترة تأسيسية

لا شك أن جميعنا نقف الأن نراقب بكثير من الخوف والقلق المشهد السياسي المحيط بنا خصوصاً لشدة حساسية وتأزم الموقف في الأيام الأخيرة
فالشعب المصري كله بجميع طوائفه  لم يعتاد ان يمر بكل هذه التغيرات دفعة واحده
كما أنه لم يعتاد أيضاً أن ينتقل من خانة المفعول به لخانة الفاعل فجأة
يراقب و يرصد ويحتج ويقرر ويتابع
ففي الماضي كانت تهبط علينا التقارير الإقتصادية تتغنى بمدى الإزدهار الإقتصادي الذي تعيشه مصر ومعدلات النمو التاريخية التي نحققها
وعلى الصعيد السياسي  كانت أقلام الصحف الحكومية لا تكف عن الكتابة عن العملية الديموقراطية وتطورها في مصر ومدى التقدم الذي أحرزته في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك
ولست هنا بصدد تحليل هذه التقارير ومدى صدقها ولكن  حينئذ لم يكن يشغل المواطن المصري العادي ان يقرأ أو يحلل تلك التقارير ليتبين صدقها من كذبها
لأنه كان متيقن بانها غن كانت صادقة فلن يستفيد منها وإن كانت كاذبه فإنه لا يملك الإعتراض عليها
وكل هذا كان نتاج فساد المنظومة ككل
أما الأن وبعد ثورة 25 يناير فقد إختلف الوضع
فالمواطن المصري قد ثار ضد الفساد فصار يحلل ويراقب ويدقق
وبالتالي يعترض ويحتج
قد يصيب وقد يخطئ ولكنه في النهاية أمر صحي
كنا في الماضي نعيش حالة من الضبابية السياسية
وكانت البورصة تعيش رهن الحالة الصحية لشخص واحد ندعو له ليل نهار أن يطيل الله بقاؤه أو يخلد كي لا تنهار الأمور في البورصة
وكم من مرة تكبد فيها المستثمرون خسائر فادحة نتيجة لأخبار أو إشاعات لها علاقة بصحة الرئيس المخلوع
أعلم أن تساؤلاً بدأ يطرأ في أذهاننا الأن وهو "ما الإختلاف إذن"
فالضبابية مازالت مسيطرة
وحالة السوق من أسوأ إلى أسوأ
وهذا كلام صحيح إلى حد بعيد ولكنه مؤقت
فما تمر به مصر الأن هو مرحلة انتقالية طالت أو قصرت فهي إلى زوال
فأهم ما في المرحلة الإنتقالية هي الخروج منها بأسس سياسية وديموقراطية سليمه تؤمن لنا حالة من الشفافية سياسياً وإقتصادياً
فمادمنا نريد أن نتطاول في البنيان فيجب علبنا أن نضع أساساً قوياً ثابتاً وهو ما قد يتكلف الكثير من الوقت والجهد ولكنه يضمن لنا ألا ينهار هذا البنيان بعد عامين أو ثلاثه
وهكذا نريد مصر بعد ثورة يناير المجيده
نريدها أن تنتقل من دول العالم الثالث إلى مصاف الدول المتقدمه وهذا لن يحدث إلا بدستور قوي وبسيادة قانون وبتطبيق مبادئ العدالة والمساواة الإجتماعية
والتي إن أرسينها فسنعيش كلنا ونحن نرى مصر تنطلق بالفعل إنطلاقة إقتصادية قويه بأسس تمكنها من الحفاظ عليها
فمصر بموقعها وبعوامل الإنتاج المتوفره بها من رأس مال وأراضي وأيد عامله مقصد لكل مستثمر
ولكن هذه المره مستثمر حقيقي يستفيد ويفيد
يفيد مصر كلها لا يفيد طبقه بعينها
نريد أن نحقق تنمية إقتصادية حقيقية يلمسها كل مواطن في هذا البلد لا مجرد أرقام تكتب على ورق يناقضها الواقع الذي كنا نعيشه وبشده
ما يجب أن يقلقنا الأن هو أن نرسي الأسس الصحيحه لمصر المستقبل ولا نستعجل قطف ثمارها لأننا إن أقمناها عل أسس ضعيفة فلن تلبث أن تهوي مرة ونظل ندور في دائرة مفرغه  ونعود لنقطة البداية مرة أخرى
فما نعيشه الأن ليس مجرد مرحلة إنتقالية عادية بل هي فترة تأسيسية لدولة جديده 
دولة لا تحتاج إلى ثورة لإعادة صياغة قانون أو حل مجلس شعب مزور أو محاكمة فاسد
الحل الأن ليس في وقف المظاهرات وإنهاء الفترة الإنتقالية بأي شكل لكي نعود نغرق في الفساد والإنحراف الحكومي مرة أخرى
الحل في بناء دولة قوية  لها سيادة قانون  ولها مجلس شعب منتخب على أسس شريفه خالي من أصحاب المصالح والمنافقين وبصلاحيات تسمح له بمحاسبة المسئولين من أكبرهم إلى أصغرهم
في هذه الحالة فقط سنرى دولة قوية تتهافت عليها الإستثمارات الداخلية والخارجية بقوة وتعم الفائده على كافة طبقات الشعب الفقراء قبل الأغنياء فنتنسم جميعاً نسمات الثورة العليلة
أما أولئك الذين يدعون إلى التهدئة وهم يعلمون انها لن تسوقنا غلى شئ سوى العودة لما كنا فيه مرة اخرى فلا أجد لهم عذراً إلا أنهم إما كانوا غير مدركين لحجم الكارثة التي كنا نعيشها في ظل النظام السابق
أو أنهم كانوا مستفيدين ....!!!