إستقطبوا يرحمكم الله

توقفت عن الكتابة طوال الفترة السابقة
فقد أصبت بعدة طلقات في الرأس ادت إلى حدوث عقم فكري فصرت غير قادر على إنجاب أي أفكار او حلول جديدة
ليس لأنه لا يوجد حلول 
ولكن قوة وشراسة الخصم وقدرته على إظهار أمور بسيطة وحلولها بديهية على أنها شديدة التعقيد  أصابتني بشئ من الشلل والذهول
لعل عقلي يكاد لا يستوعب حجم الكذب والخداع والتغييب الذي يتم بثه يومياً وكذلك لا يكاد يستوعب جودة إستقبال أجهزة الإستقبال ( الناس ) لهذا الكذب على غنه حقائق راسخة
لا أخفي عليكم كنت أغار كلما أرىت تدوينة جديدة  لأحد من الاصدقاء
ولا أخفي عليكم ايضاً كم تواترت على ذهني الافكار ولكنني عجزت عن الكتابة 
فمن أحداث محمد محمود إلى أحداث مجلس الوزراء وما تلاها من أحداث كنت اتلقى الصفعة تلو الأخرى وهو أمر فوق الإحتمال لشخص خرج منذ أكثر من عام ليرى وطنه في صورة مثالية فإذ به يفاجئ انه ينحدر من أسوأ إلى أسوأ بل ويلقى عليه هو باللوم وهو من كان يبتغي المثالية
ولكنني أتحامل على نفسي اليوم لأعود فأتعافى من جديد 
وسأكون أكثر لطفاً وهدوءً وإستئناساً بالنسبة للخصم
فاللوم اليوم موجه لأصدقائي 
او لعله ليس لوماً وإنما فكرة قد تكون قد غابت عن عقول بعضنا نتيجة لشدة حماسنا وإيماننا بأفكارنا وإعتبارنا لها بديهية مع صغر اعمار معظم المشاركين في هذه الثورة 
إستوقفتني كلمة قالها لي أحد أصدقائي كانت هي النواة لهذا الموضوع 
قال لي صديقي "الثورات تنجح إما بالإستقطاب أو بالسلاح"
فكرت في الكلمة وفي موقفنا بهدوء فوجدتنا بالطبع لا نملك السلاح ولا نريده فمازلت مؤمناً بسلمية هذه الثورة
ولكن هل نجحنا في الإستقطاب؟؟؟؟؟
دعوني أجيبكم بكل صراحة.....لا
بالطبع لا
لقد فشلنا تماماً في إستقطاب الشارع وتحويل عداءه للثورة إلى دعم أو على الأقل موقف محايد

وجاء ذلك نتيجة لتأكيدنا بأنفسنا على بعض الأوصاف التي كان يتم نعت الثوار بها 
بغض النظر عن أن هذه الأوصاف إن هي إلا أكاذيب وإفتراءات ولكننا ساهمنا بشكل او بأخر بترسيخ الصورة في ذهن ذلك المواطن الذي لا يرهق نفسة بالتحقق والتدقيق في كثير من الأمور وسأوضح فكرتي الأن من خلال بعض المشاهد
المشهد الأول (الثوار بلطجية)
تخيل أحد المواطنين ضد الثورة أو حتى محايد لا مع ولا ضد ....حزب كنبه يعني
وأثناء أداؤه لعمله او وقوفه في محله إذ بمسيرة حاشدة تأتي لتسد الطريق مما يعني وقف حاله لمدة يوم كامل على اقل تقدير (ودعونا لا نفترض المثاليات في بعض الناس ونقول أنهم من المفترض أن يعطوا أولوية للمصلحة العامة عن مصالحهم الشخصية فهذه الثورة بالنسبة له مجرد صراع على السلطة لا ناقة له فيه ولا جمل) 
تخيلوا معي هذا الشخص وهو يضرب كفاً بكف ثم يصيح (الله يخرب بيت الثورة على الثوار على الشهداء)
وهنا تحدث الطامة الكبرى 
لقد سب الشهداء .....فيخرج كل من في المسيرة عن شعورة ويبدأ في توجيه اللوم والسباب للرجل بشكل هيستيري 
وتخيلوا معي شخص يقال له الأتي:
دول أشرف منك
انتم أصلكم عبيد
انت راجل إبن......
ياللا يا لحاس البيادة
هتعيشوا كلاب وتموتوا كلاب 
حسناً هل تظنوا الأن أن هذا الرجل سيقع في غرام الثورة والثوار؟؟؟
هل نتوقع انه عندما يسمع أن الثوار يتعرضون للضرب أن يتعاطف؟؟؟!!!!
الأسوأ ....ماذا سيكون حال جيران هذا الرجل في العقارات والمحال المجاورة؟ مع من سيتعاطفون؟؟
مع الثورة أم مع صديقهم؟
وهنا تتحول الجملة الشهيرة "الثوار بلطجية" إلى حقيقة ملوسة بين يديهم ولديهم المادة الإعلامية لإثبات ذلك عن طريق مئات الكاميرات التي تحفزت للتصوير والنشر
المشهد الثاني (شوية عيال صيع)
مواطن يجلس على مقهى يتفحص إحدى الجرائد القومية تبدو عليه علامات التدين والإلتزام يقرأ موضوعاً عن إلغاء المادة الثانية من الدستور ومدنية الدولة التي ستسمح للفتيات أن تخلع برقع الحياء في الشوارع والسماح بتداول الخمور والمكيفات في الشوارع وتحويل الدولة إلى دولة علمانية "دول هيشيلوا خانة الديانة من البطاقه" يصيح صديقة الجالس بجوارة متناقشاً معه في نفس الموضوع ومحاولاً توضيح شكل "الدولة المدنية" من وجهة نظره 
أثناء ذلك يأتي مجموعة من الشباب والفتيات تتراوح أعمارهم من 18 إلى 20 عاماً ليجلسوا على نفس المقهى وما إن يجلسوا حتى يبدأ الشباب والفتيات في إشعال السجائر ثم تجاذب اطراف الحديث عن الثورة وما يجب أن يحدث وتسليم البلاد لسلطة مدنية إلخ من أحاديث الثورة ولا يخلو الأمر من بعض الألفاظ والسباب والشتائم الجنسية وغير الجنسية (للمواطنين الشرفاء) والفلول وحزب الكنبة وتنتهي الجلسة وينصرفوا في هدوء
اترك لكم تخيل التعبير المرسوم على وجه المواطن والفكرة التي ترسخت في ذهنه بعد هذه الجلسة
المشهد الثالث:(عاوزين إيه تاني)
شاب في مقتبل عمره كان يعمل في إحدى الوظائف المرموقة بإحدى الشركات الإستثمارية المملوكة للفلول
ونتيجة للثورة وما تلاها من أحداث تم فصله من عمله بعد ان كان قد وصل إلى مركز مرموق وهو في هذه السن الصغيرة 
أضف إلى ذلك أنه قد أضطر إلى ان يفسخ خطبته لعدم قدرته على توفية إلتزاماته المادية لإتمام الزواج
يجلس هذا الشخص في إحدى لحظات الإكتئاب ويندب حظة
ثم يفتح الصفحة الشخصية على الفيس بوك الخاص به كاتباً جملة "دول مش ثوار دول بلطجية خربتوا البلد كفاية بقى عاوزين إيه تاني"
فيبدأ أحد من اصدقائه في الدخول معه في مناقشة سياسية أشبه بالتحرش الفكر والتي لا تلبث أن تفشل وتتحول إلى خناقة بين الطرفين يتدخل فيها بعض الطراف الخرى وتنتهي بأن يقوم كلاً منهم بحذف الأخر من قائمة أصدقاؤه على الفيس بوك وهو الأمر الذي يمتد الى حذفه من قائمة أصدقاؤه في الواقع
ماذا تتوقعون الأن ؟؟!!!
المشهد الرابع:(يا معفن)
شخص يرغب في شراء سيارة 
يذهب الى تاجر السيارات ويبدا في مشاهدة سيارة معينه فيأتي له التاجر ناصحاً إياه بشراء سيارة أخرى لأنها الأفضل 
وتخيلوا معي التاجر يستخدم هذه العبارات لإقناعه:
"حضرتك أصلك مبتفهمش في العربيات أنا بفهم"
"اصل العربية دي بتاعة الناس الأغنياء والمحترمين مش اللي زيك"
"أنا شايف ان حضرتك تنضف بقى وتشتري العربية دي"
"عارف انت لما تركب العربية دي الناس مش هتقول عليك معفن "
ما رأيكم ......هل سيشتري الزبون السيارة ولو ببلاش؟؟؟!!!! 
أليس هكذا نخاطب من لم يشاركوا بالثورة؟؟!!
الفكرة في كل الأمثلة التي سقتها لكم منذ قليل هي أنها كلها أمثلة دفاعية وليست هجومية 
بمعنى أن صاحب المحل عبر عن ضيقه ببعض الكلمات .....لم يقم بقذف المتظاهرين بالطوب مثلاً 
كذلك الرجل المتدين الجالس على المقهى وكذلك الشاب الجالس في منزله
كل هذه امثلة دفاعية وليست هجومية 
هي تحاول أن تدافع عن نفسها وعن وضعها المالي والإقتصادي والإجتماعي 
لعلهم مغيبون 
لعلهم غير مدركين للواقع
او لعلهم يدركوه ولكن لا يملكون من القوة ما يدفعهم لتغيرة 
لكن في النهاية هم اشخاص غير هجوميين 
في رايي يسهل إستمالتهم وإستقطابهم
أو على الأكل تحييدهم بدلاص من ان يتخذوا موقفاً مضاد للثورة 
ولكن نحن ببعض التصرفات الغير مسئولة نحولهم إلى اشخاص هجوميين ومضرين بشكل قاطع وواضح وصريح
اعلم أن ما اتحدث عنه مثالية 
وأعلم أن بعض الأمور التي ينتقدها الناس في مجتمعنا هي امور شخصية بحته ليس لأحد أن يتدخل فيها
وأعلم أن البعض ينتقد دون حتى أن يملك الحد الأدنى من المعلومات عما ينتقده
ولكن السنا نحن من ىقلنا اننا الأفضل
ألسنا نحن من قلنا أننا نحلم بالمثالية
ألسنا نحن من قلنا أننا سنثقفهم ةنوعيهم
لم نتراجع عن هذا الدور الأن؟؟؟!!
ياس أم فشل أم إستسهال
لقد قررنا أن نحمل رسالة وهذا له ثمن 
ندفع هذا الثمن من حرياتنا الشخصية ومجهودنا وعقولنا وأوقاتنا
علينا أن نصبح مثاليين طالما حملنا لقب ثوار 
الثورة فكرة لن نبيعها إلا إذا تجملنا وجملناها في عقول الأخرين
إذا اردت ان تقنع اب بالثورة فإجعله يتمنى أن يكون له إبن مثلك
إذا اردت أن تقنع من يخاف على مصلحته الشخصية بالثورة فعليك ان تشعره أنك تخاف عليه أكثر من نفسه
إذا اردت ان تقنع المتدين بالثورة فعليك أن تشعره بغيرتك على الدين مثله تماماً
وغا أردت أن تنفر الناس من الثورة فيكفيك أسلوب "هو كده وإذا كان عاجبكوا ياولاد ال........"
إستقطبوا يرحمكم الله

هناك 5 تعليقات:

  1. your writings are beyond reasonable...it is realistic cause that is happening every single time you are in a middle of conversation with someone but it depends on how you can handle a decent conversation with someone who is completely against or disagree with your thoughts...eventually i like your writing very much..and i know for sure that you shouldn't STOP....keep going...keep writing...after all you will get your voice heard

    ردحذف
  2. WooW .....Thank u Omnia
    Thats the most powerful comment i ever had on my blog :)

    ردحذف
  3. you deserve more..you are sincere which is rare.. :D

    ردحذف
  4. كلام أكثر من رائع ومعقول جدا .. فأنت سردت الكلام وكأنك تقف من بعيد وتصف المشهد و جميع تعليقات البشر البسيطه.. نحن دائما ننسى أننا عندما نشرح لطفل صغير منهج دراسى لتحضير الماجيستير انه سوف لا يفهم منه شئ ونحن نحتاج للكثير من الوقت والجهد لتعليم وتأهيل أنفسنا للتحضير لرسالة الماجيستير ..وأكثر ما أعجبنى هو أنك محايد تماما وأنك كنت مجرد حكم يصف المشهد وعلى القارئ أن يحكم هو وهذا النوع من الكتابات يجعل القارئ يفكر قليلا بعد القراءه ويترجم ويحكم ما قرأه برأيه الشخصى فلا يشعر بالنفور مما قرأه أو أنه مخالف لأفكاره... رائع يا محمد أحييك :)

    ردحذف