سلامة .....أنا هنا يا سلامة (أنظر يا عم سولامة يا أعمى)

بدأت أول تجاربي في العمل العام أثناء فترة الجامعه حيثقمنا بتشكيل مجموعة تؤدي عملها على هامش أحدى الأنشطة الطلابية بهدف الخدمة المجتمعية والتنمية البشرية في للمناطق الفقيرة
وكانت أول مشاريعنا البسيطة هي المتابعة الدراسية لبعض الطلاب في إحدى ملاجئ الأيتام "الحكومية" (وما أدراك ما ملاجئ الأيتام الحكومية)
وخلال هذه الفترة قمنا بعمل مجموعة من الأنشطة المختلفة مع الكثير من الجمعيات الخيرية وكان الهدف هو تغيير فكر الأعمال الخيرية من فكرة دفع الأموال لإشباع بعض الحاجات الوقتية إلى تحويل العمل الخيري إلى عمل تنموي يعود بالنفع بشكل مستمر على فرد أو منطقة وهذا دائماً ما يسمح بفتح أفاق جديدة من العمل الخيري أشمل من فكرة التبرعات التي تتوقف عند دفع أموال سرعان ما تنتهي وتظل المشكلة الأساسية قائمة
راودتني هذه الذكريات أثناء إستماعي لخطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو يتساءل "أين الشباب؟؟!"
الواقع سيادة الرئيس لا أدري إن كنت تتابع حالة البلد في أي أزمة أم لا ولكن معظم أزمات الوطن الذي تحكمه  يتم حلها بجهود شبابية بحتة  وخالصة
فزيارة قصيرة من سيادتكم لأحدى الجمعيات الخيرية أو دور الرعاية والمنظمات الخيرية الكبيرة مثل "رسالة" و "دار الأورمان" و "بنك الطعام" وغيرها ستجد أن معظم المشاركين والقائمين على جمع التبرعات والأفكار المبتكرة لتقديم المساعدات هم من الشباب
وزيارة ميدانية من سيادتكم لوقع أي مكان منكوب على أرض الوطن ستجد من يقومون بمحاولة إغاثته شباب
 لا يفوتني مشهد منطقة وكالة البلح في الشتاء الماضي حينما أمتلأت المنطقة عن أخرها بمجموعات  لشراء البطاطين لمنحها للفقراء ممن ليس لهم سكن أو مأوى في هذا البرد القارس وكان القائمون على هذا العمل كالعادة (شباب)

هناك حملة الأن اسمها "coloring grey city " تقوم بتلوين الكباري والسلام لتغيير المنظر الرمادي القبيح للعاصمة القائمون عليها أيضاً هم (شباب) كلية فنون جميلة

يتم تنظيم رحلات زهيدة الثمن لتنشيط السياحة الداخلية عن طريق Facebook عن طريق مجموعات (شبابية)

فكرة بسيطة قام بها "علي رافع" مؤسس تطبيق "بيقوللك" الذي نستخدمة جميعاً الأن لمواجهة الإزدحام المروري الذي تقف أمامه الدولة عاجزة حتى عن تقديم أفكار بسيطة مماثلة كذلك التطبيق وصدق أو لا تصدق "على رافع" هو أيضاً من (الشباب)

حملة "ضد التحرش" تلك الحملة التي كانت أول من تحدث علانية عن ظاهرة التحرش  المتفشية في المجتمع وأول من بدأ يبتكر الوسائل والطرق لمحاربتها والتوعية ضدها القائمين عليها وأصحاب الفكرة هم وياللعجب من (الشباب)

ولولا ضيق المساحة لعددت لسيادتكم أكثر من 1000 مبادرة وفكرة شبابية
ولا أخفيكم قولاً بأن بعضها بل ومعظمها يصطدم بالحكومة والبيروقراطية والفساد وأحياناً بالشرطة مما يعرقلة عن أداء عملاً هو أصلاً غير منوطٍ به وإنما  يقوم به تعويضاً عن الدور الحكومي الغير موجود وإن وجد فهو سطحي وشكلي وهزيل
أعتقد أن الشباب هو من يجب أن يسألكم اليوم سيادة الرئيس والرؤساء السابقين (وأنتم في وضع مساّءلة )
أين أنتم من هذه الأزمات ؟؟ أين رجال الدولة والحكومة أصحاب الفخامة والمعالي؟ ما هو موقف الحكومة تجاه الأزمات والكوارث والمشاكل المزمنة التي تتعرض لها مصر ؟؟!
وإن لم تجد إجابة فيمكنك أن تسأل أحدى مكاتب الهجرة وسفارات بعض الدول الصديقة
(أين الشباب؟؟! )


باسم صبري

لعلني لم يكن يجول بخاطري أنني سأجلس صبيحة يوم الأربعاء 30 أبريل 2014 لكي أسطر تلك السطور في رثاء أحد الأصدقاء
وحتى وإن كُشِف لي عن حجاب الزمان والمكان وتنبأت بهذا فلم يكن أبداً ليخطر ببالي أن يكون هذا الشخص هو باسم صبري

كنت أظن أنه بعد فراق الأم والأب في سن مبكرة لن يكون الموت صدمة وفاجعة بعد الأن 
وكنت أستقبل خبر رحيل أحد الأشخاص بشئ من التبلد واللامبالاة 
فكلنا راحلون ولن يرحل عني أعز ممن فقدت
ولكن وفاة باسم أيقظت داخلي شعوراً جديداً بالألم 
إنه فراق الأصدقاء
أولئك الذين في مثل سنك 
مثل شكلك 
لديهم نفس أحلامك
ونفس همك
أولئك الذين شاركوك لحظات ولو قليلة في فترة شبابك ونضوجك
أولئك الذين سرت معهم أو خلفهم في نفس الدرب ثم تفرقت بكم دروب الحياة فمضى كلاً في سبيله 
فكنت تسمع أخبارهم 
تهاتفهم من وقت لأخر
تسعد لنجاحاتهم وتجلس أحياناً للتباهى بها أمام بعض الأصدقاء أو الأقارب (فلان الفلاني ... صديقي)
لا تنتظر أن تسمع عنهم سوى أخبار الزواج أو إستقبال مولود جديد أو حتى السفر للخارج لبداية حياة جديدة
ولكن أن يأتيك خبر وفاتهم فهذا شئ لا يخطر ببالك قط

كنت أظن أنني لن أواجه تلك المشاعر إلا في نهاية العمر حينما ننهي رحة الصعود إلى النصف الغربي من جبل الحياة فيصبح الموت أكثر قربا وإدراكاً نراه رؤيا العين وننتظره كضيف ثقيل ولكنه حتمي سيحل حين يأتي موعده
ورغم كل من مات ويموت من زهرة شباب هذا الجيل في أحداث فرضت علينا من إهمال إلى فساد إلى عنف وقمع إلا أن الشعور يبدو مختلفاً مع أولئك الذين عشت معهم بعض اللحظات فعرفتهم وعرفوك 
وأدركت كم يُحسن الموت إختيارة 
حتى إنك لتتساءل إن كنت مازلت حياً لأنك شخص سئ أم أنهم كانوا أفضل منك كي يموتوا مبكراً ؟؟!!!
عزيزي باسم 
أجلس الأن وأنا أسطر هذه السطور أستمع لقطعتك الموسيقية التي وددت أن تُلعب عند وفاتك بعد حياة طويلة وسعيدة 
حسناً لعلها لم تكن طويلة بما يكفي ولكنها كانت سعيدة (أو هكذا نرجو)
كنت أتمنى أن نكون أكثر قرباً وأن تكون صداقتنا أكثر قوة ولكن لعل الله كان رحيماً بي فأراد ألا يتضاعف حزني لرحيلك
ومثلما كنت تبهرني بأفكارك ونشاطاتك في حياتك فقد أبهرني بعد موتك كم محبينك وأصدقائك وحسن سيرتك بين الناس 
وحبنا جميعاً لك 
إلى اللقاء في عالم أفضل 
ستظل إبتسامتك شئ نتذكره دائماً
رحمك الله يا باسم وأسكنك فسيح جناته

أحمد عرابي الخاين العميل

لا تتعجب .... أعلم أن ما قرأته في هذا العنوان يخالف تماماً مادرسته في كل مناهج التاريخ بالمدرسة التي تحدثت عن مدى عظمة وشجاعة أحمد عرابي وثورته ضد ظلم وبطش الخديو
تلك الثورة التي تجرأ فيها ذلك هذا الأميرالاي وذهب الى قصر عابدين ووقف يتحدث إلى الخديو من على حصانه ويملي عليه مطالب الثورة والتي ما كان رد الخديو عليها إلا أن قال "كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا'."
 فرد عليه أحمد عرابي بجملته الشهيرة لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم.
ولكن الحقيقة أن البعض لم يكن يرى أحداث (هوجة عرابي) بنفس هذا المنظور
فالبعض رأى أن ثورة عرابي ما كانت إلا "إنقلاباً عسكرياً" أدى إلى الفوضى في البلاد وهذا الرأي الذي أيده وأعتبره حقيقة مطلقة الخديو عباس حلمي الثاني في مذكراته التي كتبها بخط يده وطرحه للنقاش عبد الرحمن الرافعي في كتابه الثورة العرابية والإحتلال الأنجليزي  
والبعض الأخر ذهب إلى أبعد من ذلك بأن أعتبر أحمد عرابي خائن وعميل للأنجليز كان هدفه القيام بحركة فوضوية بهدف نزع الإستقرار لكي يسهل من دخول الإحتلال البريطاني إلى مصر عام 1882 والذي دام لمدة 74 عاماً خصوصاً بعد أن تزامنت ثورة عرابي مع ثورة المهدي بالسودان والتي أدت أيضاً إلى إحتلال السودان وبداية إنفصالها عن مصر
من رأى عرابي خائناً كان لديه من الدلائل الكثير منها توكيله محامي إنجليزي للدفاع عنه ومدى العطف الذي أظهرته إنجلترا في تخفيف الحكم عليه من الإعدام للنفي وكذلك المقالات التي دعم فيها سلطة الإحتلال الإنجليزي بعد عودته من المنفى عام 1903
ومن رأه بطلاً أيضاً كان لديه من الدلائل الكثير فثورة عرابي هي السبب في إقرار الدستور المصري وتفعيل دور مجلس النواب وكذلك السماح للجنود والضباط المصريين بالترقي وشغل المناصب العليا بالجيش أسوة بالتراكوة والجراكسة
وكلا الرأيين إن شئت قد يكون صواب ويصاحبه الكثير من المنطق
وإن ظلت الحقيقة الوحيد الثابته والتي لا جدال فيها هو أن أحمد عرابي هو أول من أدخل ثمرة المانجو إلى مصر بعدما أحضرها معه من المنفى في سيلان J
والتاريخ ملئ بشخصيات مثل عرابي
فلسنا على يقين إن كان الخديو إسماعيل مسرف وأغرق البلد إقتصادياً أم أنه كان يصنع نهضة حضارية وثقافية ونيابية في مصر مما أثار غضب أوربا فتأمرت عليه ؟
ولسنا على يقين إن كان الملك فاروق ملك مستهتر ومنفلت لم يسيطر على حكم البلاد أم هي مؤامرات الحاشية والنزاعات السياسية هي التي أطاحت به؟
23 يوليو 1952 هل هي  ثورة أم إنقلاب عسكري
 جمال عبد الناصر زعيم شعبي أم ديكتاتور وحاكم مستبد؟
25 يناير 2011 ثورة شعبية ولها مكتسبات أم مؤامرة خارجية لنشر الفوضى بالبلاد ؟
30 يونيو 2013 ثورة تصحيح أم إنقلاب عسكري؟
الخلاصة أنه لا يوجد حكماً مطلقاً في التاريخ فالتاريخ يكتبه المنتصرون وكل شخص يكتب التاريخ حسبما يناسبه
وتبقى رواية المهزوم ومنطقه بعيداً عن الأضواء
ويظل دائماً هناك حق  أُريد به باطل باطل الذي أُريد به حق
ولا يعلم الحق المطلق إلا الله سبحانه وتعالى
فلا تتسرع عزيزي القارئ في الحكم على الأحداث الجارية فمازلنا لا نعلم إلا القليل وحتى عندما نعلم قد لا نملك هذا الحكم

أحقاً؟؟!!


يقولون أنك تهجريني
ويقولون
انك تهملين
ويقولون اني حين أطلب رؤياك
بألف عذر تتعللين
وحين ألح ...تزفرين
ويقولون انك 
تنكرين
تنكرين وجودي
 تنكرين
قصائد الشعر والحنين
تنكرين
ذكريات البسمة والأنين
تنكرين
قبلاتي التي طالما
طبعتها لك فوق الجبين

يخبرونني أنك
 كل مساء
تتعالى ضحكاتك
لترسم وجنتيك الموردين
وكأنك لا تأبهين
وكأنك لا تدركين 
أسكرة الفراق هي أم حقاً هم في قولهم صادقين؟

أحقاً لا يهمك إن كنت مسروراً
أو حزين؟
أحقاً أصبحت في حياتك ذنب
إن ذكرته تستغفرين؟
أحقاً ذبلت ورودي
فألقيتها كالهشيم؟ 
أحقاً معالم ذكراي تطمسين؟
ولكن
 لا
لا أستمع لكلامهم
بل منك ألتمس اليقين
اخبريهم يا حبيبتي أن يوم فراقنا 
لم يحين
اخبريهم ان أعذارك قيود تود منها
لو تتحررين

اخبريهم أن قصائد الشعر تحفظينها
وترددين
أخبريهم أن ضحكاتك بكاء ولوعة
على الأيام والسنين
أخبريهم أنك لن تذهبين بعيداً
بل قريباً 
ستعودين
اخبريهم ان الورود لم تذبل
ولكنها برودة شتاء قارس لعين

أخبريهم .....اخبريهم .....
أو لا ....لاتخبيرين
فقد أخبرتهم قبلك أني قد احببتك
أكثر مما تحبين

كتبت في الأسكندرية 15/12/2012

واحد

رقم واحد وانكتب 
كتبه شهيد عالأرض مات من الهم
وكتبه طفل في كراسة حساب 
اتلطخت بالدم 
وكتبه شاب ماشي مظاهرة 
من ضمن المطالب 
لما أنكوى من الغم
 رقم واحد وانكتب 
وكتبه نفس الدم
*******
رقم واحد
واتنقش جوه  القلوب

العمر واحد
والرب وواحد
والدم واحد 
والمنا واحد
والذنب واحد
صرخنا صرخة رجاء
طلع النداء
واحد 
 *****
رقم واحد وانكتب
جوه الصحف 
لما الشهدا تزيد واحد
عيلة ينزل ولادها لمدرسة 
فينقصوا
واحد
وعيلة نزلوا ولادها يشجعوا 
فينقصوا
واحد
وعيلة نزلوا ولادها يطالبوا بحقهم
ينقصو واحد
تبكي العيون من الألم 
وجع الفراق 
واحد
******
وكتبنا عالحيطان
واحد
حق الشهيد يرجع
وزدنا كمان واحد
العدل في الميزان 
شريعة ربنا الواحد
وزدنا كمان واحد
لقمة عيش كريمة 
الغني زي الفقير
واحد
 من يوم ما كنا
في الميدان
نفس الكلام
واحد
******
وبعد كل الكلام
نفس السكات واحد
واه يابلد تكتبي
شهادة ميلاد ووفاة
لابنك في يوم 

واحد


تم إستلام الرسالة

أمسك بهاتفه المحمول برفق وبدأ يقلب الرسائل على مهل 
عاد بالتاريخ الى العام 2008 وبالتحديد في اليوم الرابع والعشرون من أكتوبر 
كان هذا هو العام واليوم الذي تقابلا فيه والذي بدأت فيه قصة حبهما 
كم يحب هذا الهاتف 
فقد لعب دورا أساسياً ورئيسياً في ذلك الحب الذي أبداً لم يرى النور إلا عندما كانت تضئ شاشة التليفون ويصدر نغمته المتقطعة القصير معلناً وصول رسالة جديدة من حبيبته
كان قلبه يرقص مع إهتزازات الهاتف
ومن أزراره التي يبدأ في مداعبتها برفق
 يبث لها حبه وأشواقه ومشاعره 
وكان دائماً ينتظر لثوان بعد إرسال رسالته ليتأكد من وصولها حيث يعطيه الهاتف تنبهاً كأنما يطمئنه "تم إستلام الرسالة"
بالوقت 

والتاريخ
ويكاد يرى وقتها حمرة الخجل في وجنتيها وإنتساماتها وهي تقرأ رسالته 
هو أيضاً كان يبتسم وهو يقرأ رسالتها 
ذابا في حبهما حتى النخاع
لم يخلو الأمر من الأوقات الصعبة والخلافات والصراعات
تشاجرا وتصالحا 
تعاتبا وإختلفا
كانت تغار عليه بجنون من كل ما قد يشغله عنها
حتى من أصدقائه 
لكم عاتبته لأنه لم يرسل لها رسالة الصباح
أرسلت له قائلة  "لا يبدأ يومي بدونها هي شئ بسيط أحبه لا تحرمني منه"
حينما لم يرد عليها سألته بجدية لا تخلو من عناد الأطفال "هل هناك أحد غيري ؟؟"
وعندما أجابها بالنفي قالت له "أنا متأكده لا تحاول خداعي"
يتصاعد الأمر بينهما حتى يصل للشجار وقد تعلو أصواتهما 
ولكن كل شئ ينتهي حينما يضمها برقة هامساً في أذنها "أنا أحبك...لا أرى إمرأة غيرك"
كانت تذوب بين ذراعيه 
كانت تعلم أنها لن تظل بينهما طويلاً
ستفقدهما يوماً ما 
كلاهما يعلم هذا
سيفترقا
تسأله "هل ستظل تذكرني؟"
فيجيبها "وكيف لي أن أنساكي وأنت أحب إنسانة إلى قلبي"
ترد عليه بطفولة ودلال "كذاب ...إذا كنت كذلك لماذا تتركني وحدي وتنشغل عني؟ :( "
فيجيبها "حتى وإن إنشغلت عنك تبقي دائماً في قلبي وبالي :)"
إشتد بينهما الخصام يوماً فأرسلت إليه "أعلم أنني أصبحت عبئاً ثقيلاً عليك ...إتركني إن أردت ولكن لا تتجاهلني بهذا الشكل"
رد عليها غاضباً "ألن تتوقفي عن هذا العبث؟؟!! قلت لك فقط أريد أن أختلي بنفسي"
أجابته باكية "لم تعد تحبني :'( أنت تريدني أن أرحل وتنساني"
فرد عليها "هل تمانعين في أن أضمك؟ :)"

وذابت مرة أخرى
كل هذه الأحاسيس كانت تخرج في هيئة كلمات على شاشة الهاتف
حتى القبلات والأشواق 
تبادلاها من خلاله
يرسل لها زهرة (F)
فترد عليه بإبتسامة وقبلة (k) :)
يضحكان :D

ويبكيان :'(
يغازلها ;)
وتداعبه :p
وبعد كل رسالة يرسلها لها كان ينتظر ذلك التأكيد والتنبيه
"تم إستلام الرسالة" 

بدأ هذه المرة كتابة رسالته بشكل أبطأ 
بدا ضعيفاً هزيلاً وبدت نظراته زائغة بعض الشئ
جلس حيث إعتاد الجلوس وهو يحادثها 
كانت أصابعه تهبط ثقيلة على الهاتف ولكن بتأن شديد
وكتب رسالته 
"قيمة أي شئ وقدره .... هو العمر الذي تفنيه من أجله"
و كالعادة جاءه التنبيه
"تم إستلام الرسالة" 
ورأى نفس حمرة الخجل على وجنتيها ولكن هذه المرة دونما إبتسامة  
ولم يراها أبداً مرة أخرى

زاغ بصرة
أغمضت عينيه

وسقط الهاتف من يده
وبقيت على شاشته
الوقت 06:00 م
والتاريخ 24 -10 - 2030


تصالحوا يرحمكم الله (وسع صدرك يا مواطن)

استبد بنا جميعاً خلال الايام السابقة حالة من الإستقطاب الشديدة والمحمومة 
ولعلها ليست هي حالة الإستقطاب الحميدة التي دعوت لها مسبقاً في مقالي "إستقطبوا يرحمكم الله" والتي يعد هذا المقال تكملة لها
وإنما كانت حالة من الإستقطاب العدائي 
إستقطاب الهدف منه خلق حالة من العدائية نحو الطرف الأخر
إستقطاب يهدف إلى الفرقه لا التجمع
أسفرت جولة الإعادة إذن عن 
محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين او مرشح الثورة أو المرشح الغير عسكري أو كما تحب أن تسميه
و أحمد شفيق مرشح النظام السابق أو مرشح العسكري أو المرشح المدني (ليس الإسلامي) أو كما تحب أن تسمية
وبدأت حملات كلاً من المرشحين في إستخدام الإسلوب المصري المعرف في المعاملة مع الخصم وهو إسلوب إظهار عيوبه وتضخيمها بدلاً من إظهار مميزات المرشح الذي يدعمه
ومن هنا بدأ السباق المحموم
ده فلول 
لا ده إخوان
دول باعوا دم الشهدا
دول اللي قتلوا الشهدا
ده عميل لإسرائيل
ده متمول من قطر
ده ضد الدين 
ده ضد الحريات
ده ضد مدنية الدولة 
ده هيعسكر الدولة 
وده هيخليها إيران
إسرائيل هتحتل مصر
البنات هتلبس النقاب
الثوار هيتسحلوا في الشوارع 
و....و......و.....و....و
حالة من الإستقطاب البغيض عل كل أشكالة وأنواعه وطغت عليه بطبيعة الحال الصبغة الدينية لكون أحد المرشحين إسلامياً
وتعالت نبرة الكراهية 
وبدأت أبواق الإعلام  تصدح بكل ما هو كريه كلاً تبعا لقناعاته وايدولوجيته وفقدت الكثير والكثير من الحوارات للموضوعية أو الحيادية أو حتى العقلانية في الإتهامات
فتارة يصوروا لنا الإخوان كالمارد الذي سينقض على المدينة ليأتي على الأخضر واليابس وكأننا فريسة سهلة ومسالمة لا حول لها ولا قوة
وتارة يصوروا لنا شفيق كأحد أفراد الجاستابو (البوليس السري الألماني إبان الحرب العالمية الثانية وإشتهر بعمليات التعذيب الوحشية والتنكيل بالمعارضين) والذي أتى لبنهي على كل من يجرؤ على فتح فمه المعارض في وجه النظام وكأننا لم نخلع طاغية منذ شهور قليلة
صارت الإشاعة هي عنوان الحوار والمبالغة هي سياقه و الغش والتدليس والكذب هو مفرداته والمستحيل هو منطقه الذي لا يقبل المناقشه
وللأسف أكاد أقول أنهم نجحوا في خطتهم الإستقطابية 
فقد انجرفت أغلب جموع الشعب المصري نحو فكرة الدعم الأعمى لطرف  والكيل بالإتهامات الباطلة للطرف الأخر
حتى صارت المواصلات والمقاهي وأماكن التجمعات إنما هي قطعة من الجحيم لمن يفكر بطريقة وسطية بعيدة عن التطرف
وحمل كل مواطن على عاتقه مسئولية تلميع مرشحه وإظهارة في صورة ملائكية خارقة -نحن جميعاً نعلم جيداً أنه لا يملكها- بطريقة تبتعد عن الموضوعية أو المنطق وتحولت الأمور إلى أمور شخصية بحته فالهدف فقط أن أنتصر لوجهة نظري لا أن استمع لوجهة النظر المعارضه وأناقشها ,ادلل عليها أو أنتبه إليها إذا كانت بالفعل تمثل نقطة ضعف في المرشح الذي أدعمه
ولم ينتهي الأمر فقط عن دعم اثنين من المرشحين
إذ أن الموقف السئ الذي أفضت إليه الجولة الأولى والذي لم يكن يرضي الكثير من أبناء الثورة وأنصار الدولة المدنية فظهر عندنا تيار ثالث وهو تيار "مقاطعون" أو "مبطلون" ولعله كان التيار الأكثر شراسة في تلك العملية الإستقطابية لأنه كان ناقم على الوضع ككل وكان ينظر للمصوتين نظرة دونية او متعالية ويكيل لهم الإتهام تلو الأخر من الغباء للخيانه للتلون وحدث ولا حرج


نظرية الرئيس الملاك
في إحدى جلسات المناقشة بيني وبين أصدقائي كانوا يتحدثون وقتها عن مواصفات الرئيس القادم
فسالتهم  (هل بالفعل نحن نريد رئيس لا يكذب؟) وكنت بالفعل أعني سؤالي هذا 
ولعلني نبهتهم بسؤالي هذا لعدم منطقية وعملية فكرة الرئيس الملاك الذي سيتعامل بشفافية وصراحه مع كل الأطراف
وبدأت أسوق بعض الأمثلة
مثلاً هل من المفترض أن يخرج علينا الرئيس الجديد وهو بعد لم يستقر في كرسي الحكم ليبدأ في إستعداء مؤسسات الدولة التي نعلم كلنا علم اليقين أن الفساد مستشري بها حتى النخاع ؟؟!!!
هل إذا خرج الرئيس في أول يوم له وقال أن جهاز الشرطة فاسد وسنقوم بتطهيرة عن بكرة أبيه ...هل نتوقع أن يتعاون معه جهاز الشرطة بعدها؟؟ أو أن يستسلم لهذا التطهير ؟وغذا أراد شرفاء الشرطة معاونته هل سيسمح له احد وقتها؟
هل إذا بدأ في الحديث عن محاسبة المجلس العسكري عن سوء إدارته للمرحلة الإنتقالية وأهدارة لدماء وأموال المصريين
هل سيستمر في الحكم ليوم واحد بعدها؟؟
هل سننعم نحن بأي نوع من الأمن أو الأمان إذا بدأ الرئيس فترته الرئاسية بالتصادم مع كافة مؤسسات الدولة (التي لا ننكر فسادها الساطع كسطوع الشمس) والتي من المفترض أن يسيطر عليها لكي تعلن ولاءها له وإنصياعها لأوامرة فعلياً وليس صورياً
هل الحل في التصادم؟ وإذا كانت الإجابة بنعم؟ هل يملك الرئيس القادم (اياً كان) القوة الكافية للتصادم من أول يوم سواء مع الشعب أو مع مؤسسات الدولة؟ وما نتيجة التصادم دون أن نملك القوة الكافية والداعمة لهذا التصادم؟

هل التصادم غاية أم وسيلة بشكل عام؟ بمعنى هل نتصادم مع الفساد تصادم مطلق أم أنه تصادم بهدف تطهيره؟
هل تذكرون مقطع أوبريت الحلم العربي (محتاج العدل القوة علشان تقدر تحميه)
القوة إذن معيار مهم من معايير إختيار التصادم والذي يجب أن نضعه كحل أخير لأنه حتى وبإمتلاكنا القوة اللازمة له لابد وأن ينتج عنه خسائر قد لا نستطيع السيطرة عليها طوال الوقت
الحل إذن ليس في التصادم بل في إكتساب ارضية لدى كل المؤسسات والحصول على قوة الرئيس وصلاحياته بشكل تدريجي إلى أن تكتمل لديه هذه القوة فنصبح امام إحدى سيناريوهين وقتها 
إما أن الأمور قد إستقامت وإستقرت الدولة وإنحسر فيها الفساد وخضعت لإدارتها الجديدة التي وإن صلحت فقد تغير من أداء تلك المؤسسات حتى وهي تحوي نفس العناصر المفسده لأن الأمر يختلف حين أفسد وانا مطمئن لحماية من فوقي عن أن أفسد وانا معرض للعقوبة طوال الوقت

أو أننا مستعدون لمجابهة هذا الفساد والتصدي له ولدينا القوة أن نتصادم معه دون حدوث خسائر فادحه
لكي يتسنى لنا هذا فالأمر يحتاج إلى كثير من الذكاء والمكر والخديعة و للأسف ....للكذب
ولكننا هنا نتحدث عن كذب يختلف عما كانت تمارسه علينا حكوماتنا السابقه
نتحدث عن كذب يشبه كذب السادات قبل حرب أكتوبر أو ذلك الذي إستخدمه عبد الناصر للتمويه على خطته في تأميم قناة السويس
نتحدث عن كذب يصب في مصلحة الشعب لا كذب المصالح الشخصية ومؤامرات الإستيلاء على الحكم المطلق 
نتحدث عن كذب يستخدم في معركة سياسية ضد دولة تعسكرت وإستشرى فيها الفساد من اقصاها إلى أقصاها حتى بات إنتزاعه كإنتزاع جذور شجرة كافور عمرها أكثر من مائة عام
نحن نتجدث عن معركة سيخوضها الرئيس القادم ضد الساد...معركة تصبح المصارحة فيها كمن يخبر عدوه بموعد هجومه كي لا يفاجئه
عن الحنكة السياسية أتحدث 
الحنكة التي تستخدم لمصلحة الوطن  لا للمصالح الشخصية والتربح

التأييد المطلق والنقد المطلق
وهو السبب الرئيسي والخطأ الأكبر الذي يسوق الناس إلى حالة الإستقطاب العدائي الذي تحدثنا عنه
عندما يبدأ الناس في تأييد رأي أو فكرة أو شخص تأييداً مطلقاً متناسين عيوبه وغاضين الطرف عن أخطائه
في الفترة السابقة كان لدينا ثلاثة أنواع من الناخبين
النوع الأول :يصوت لمرسي لأنه يخاف من شفيق
النوع الثاني يصوت لشفيق لأنه يخشى مرسي
وكلاهما تصويت عقابي

النوع الثالث يصوت لشفيق أو لمرسي لأنه مقتنع بإحداهما


ومن هذا النوع الأخير تنبع كل الخطورة إذ يأبى هذا النوع أن يعترف بنقاط الضعف أو المشاكل التي قد تنتج عن إختياره لمرشحه
حتى أن حديثه يصبح خليط من التناقض وعدم الموضوعية والكذب أحياناً
مما يساهم في زيادة حالة العداء فعيوب كل طرف ظاهرة وجليه ويستخدمها كل طرف في إنتقاد الأخر الذي بدلاً من ان يقوم بتحليل كيفية تلافي هذه الأخطاء أو العيوب
 لا يلبث إلا أن يبدأ في إنكارها ونفيها بما يخالف مايراه الناس جميعاً رأي العين



ليس هذا فقط بل ويبدأ في أن يكيل للطرف الأخر سيل من الإتهامات والإنتقادات الباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان
فينتهي بنا الأمر إلى مشهد عبثي يتحول فيه المعارض الموضوعي إلى مدافع عن من يعارضه من وطأة الظلم الواقع عليه
وتجده على جبهة أخرى يستنكر أفاعلاً تصدر من مؤيدي نفس المرشح الذي يؤيده لأنهم يحاولون أن يصنعوا منه إله فوق النقد ويكسبوه مهارات هو لا يملكها أو على الأقل لا يوجد دلائل على وجودها
فتضيع كل هذه الجهود هباء لأنه في الأساس يتحدث مع ناس لا تتحدث بالمنطق العقلاني ويزداد المشهد عبثاً



وسع صدرك يا مواطن
أما الأن فقد إنتهت كل هذه المعارك ونحمد الله اننا قد إنتهينا من هذا المشهد العبثي والهزلي (لا سامح الله من أوصلنا إليه) ولكن أثار المعركة مازالت حولنا في كل مكان
تجدها في نفوسنا جميعاً ظاهرة جلية في حالة الإنقسام التي وصل اليها المصريون
اساء بعضنا إلى بعض بقصد أو بدون قصد
وصل الأمر الى السباب والشتائم وأحياناً الإشتباك بالأيدي
ووصلنا أحياناً إلى القطيعه
حولنا المعركه إلى أمر شخصي بحت نأخذ نتيجته على كرامتنا
حالة من الخراب النفسي والإجتماعي خلفتها معركة إنتخابية لم يراعي مديريها أي قيمة للأخلاق والقيم والعلاقات الإنسانية وكوننا كلنا نعيش تحت سماء وطن واحد حتى انك كنت تسمع أحدهم يقول "إذا جاء فلان سيفعل بكم كذا وكذا....." فتتعجب هل سيفعل بنا وحدنا ام انك تعيش في وطن أخر ...مالذي أتى بك إلى هنا إذن ؟؟؟
ومن قال لك أننا مفعول به؟

نحن نعيش على هذا الوطن فاعل لا مفعول به


وما زاد الأمر سوء حالة الشماته الشديدة التي لا أدري من أين جاء بعضهم بهذا القدر من الكراهية في صدره لكي يصبها على من حوله ممن يعارضونه في الرأي
رأينا هذه الحالة بعد حكم المحكمة الدستورية بعدم عزل الفريق أحمد شفيق وبقاؤه في سباق الرئاسة
ورأيناها أيضا من بعض مؤيدي الرئيس المنتخب محمد مرسي بعد أن أعلن فوزه بسباق الرئاسة
أما الأن فقد إنتهى الأمر
فاز من فاز وخسر من خسر
وبقي لنا وطن يئن من جراحه
بقي لنا وطن برئيس لم ينتخبه 48% من الشعب لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات
وأيده 52% بأصوات نصفها ما كانت لتذهب إليه لولا الوضع الحرج الذي أوضعتنا فيه جولة الإعاده
بقي لنا وطن بلا دستور وبمجلس شعب منحل
بقي لنا وطن بمؤسسات مهلهلة يضربها الفساد في كل نواحيها
ومؤسسة عسكرية تسعى كل السعي لكي تحافظ على فرض سطوتها وقوتها على البلاد وألا ينسحب البساط من تحت أقدامها
ليس أمامنا الأن سوى أن نضمد جراحنا ويستوعب بعضنا البعض
فمشاكلنا ترتقي فوق إختلاف الأيدلوجيات والإتجاهات الفكرية
فمشاكلنا واضحه وصريحه لا تحتاج الى أيدلوجيات فكرية
مشاكلنا إحتياجات إنسانية أساسية
من أكل وشرب وتعليم وصحه
عيش حرية عدالة إجتماعية 
هكذا طالبنا في ثورتنا وهي مطالب لا تختلف عليها الايدلوجيات

حينما نتجاوز هذه المطالب ونحققها يمكننا أن نبدأ في التحدث عن الخلافات الفكرية
أما الأن فدعونا نرحم بعضنا البعض والأهم أن نرحم ذلك المواطن الفقير البسيط الذي لايفهم كيف ستطعمه الليبرالية أو ما هي سبل علاجه بالإشتراكية وما هي أضرار الديماجوجية
دعونا نقف جنباً إلى جنب كجبهة معارضه قوية للفساد والإنفراد بالسلطة
دعونا نشكل جبهة دفاع وطنية نحافظ بها على هوية دولتنا
إبتسم في وجه أخيك وأبحثوا عن الأرض المشتركه
هل ضاقت علينا مصر بما رحبت
ألا يسع بعضنا بعض الأن؟
ألا يستطيع 80 مليون مصري أن يعيشوا سوياً على مليون كيلومتر مربع؟؟؟!!
ألا تستطيع دولة يدين أكثر من 99% من مواطنيها بالديانات السماوية (الإسلامية والمسيحية) ويتحدثون لغة واحدة ويعيشون نفس المشاكل بشكل يومي أن يجدوا أرضاً مشتركة يقفون عليها جميعا ؟؟ كان الله في عون الهند والصين إذن
هل سنعجز في أن نزيل أثار دمار تلك الحرب النفسية التي إستنفذت قوانا جميعاً
خلاصة القول فيما سبق
إذهب إلى أي من أصدقائك او معارفك أو أي شخص قد تكون قد أسأت إليه في الأيام الأيام السابقة وتودد إليه في الحديث
إبتسم في وأزل تلك الكراهية البغيضة التي خلفتها في نفسه من أسلوبك معه الذي لم يقنعه بأن يقتنع بوجهة نظرك ولا حتى بأن يحاول أن يستمع إليك مرة أخرى
إذهب إليه وأبحثوا عن نقطة تلاق
ستجدها حتماً إن بحثت عنها
أنشروا حالة من المصالحة والمسامحة بين الناس
فما أشد حاجتنا لأن نتصالح الأن مع أنفسنا ومع الأخر
إذهب إليه
وتصالحوا يرحمكم الله