باسم صبري

لعلني لم يكن يجول بخاطري أنني سأجلس صبيحة يوم الأربعاء 30 أبريل 2014 لكي أسطر تلك السطور في رثاء أحد الأصدقاء
وحتى وإن كُشِف لي عن حجاب الزمان والمكان وتنبأت بهذا فلم يكن أبداً ليخطر ببالي أن يكون هذا الشخص هو باسم صبري

كنت أظن أنه بعد فراق الأم والأب في سن مبكرة لن يكون الموت صدمة وفاجعة بعد الأن 
وكنت أستقبل خبر رحيل أحد الأشخاص بشئ من التبلد واللامبالاة 
فكلنا راحلون ولن يرحل عني أعز ممن فقدت
ولكن وفاة باسم أيقظت داخلي شعوراً جديداً بالألم 
إنه فراق الأصدقاء
أولئك الذين في مثل سنك 
مثل شكلك 
لديهم نفس أحلامك
ونفس همك
أولئك الذين شاركوك لحظات ولو قليلة في فترة شبابك ونضوجك
أولئك الذين سرت معهم أو خلفهم في نفس الدرب ثم تفرقت بكم دروب الحياة فمضى كلاً في سبيله 
فكنت تسمع أخبارهم 
تهاتفهم من وقت لأخر
تسعد لنجاحاتهم وتجلس أحياناً للتباهى بها أمام بعض الأصدقاء أو الأقارب (فلان الفلاني ... صديقي)
لا تنتظر أن تسمع عنهم سوى أخبار الزواج أو إستقبال مولود جديد أو حتى السفر للخارج لبداية حياة جديدة
ولكن أن يأتيك خبر وفاتهم فهذا شئ لا يخطر ببالك قط

كنت أظن أنني لن أواجه تلك المشاعر إلا في نهاية العمر حينما ننهي رحة الصعود إلى النصف الغربي من جبل الحياة فيصبح الموت أكثر قربا وإدراكاً نراه رؤيا العين وننتظره كضيف ثقيل ولكنه حتمي سيحل حين يأتي موعده
ورغم كل من مات ويموت من زهرة شباب هذا الجيل في أحداث فرضت علينا من إهمال إلى فساد إلى عنف وقمع إلا أن الشعور يبدو مختلفاً مع أولئك الذين عشت معهم بعض اللحظات فعرفتهم وعرفوك 
وأدركت كم يُحسن الموت إختيارة 
حتى إنك لتتساءل إن كنت مازلت حياً لأنك شخص سئ أم أنهم كانوا أفضل منك كي يموتوا مبكراً ؟؟!!!
عزيزي باسم 
أجلس الأن وأنا أسطر هذه السطور أستمع لقطعتك الموسيقية التي وددت أن تُلعب عند وفاتك بعد حياة طويلة وسعيدة 
حسناً لعلها لم تكن طويلة بما يكفي ولكنها كانت سعيدة (أو هكذا نرجو)
كنت أتمنى أن نكون أكثر قرباً وأن تكون صداقتنا أكثر قوة ولكن لعل الله كان رحيماً بي فأراد ألا يتضاعف حزني لرحيلك
ومثلما كنت تبهرني بأفكارك ونشاطاتك في حياتك فقد أبهرني بعد موتك كم محبينك وأصدقائك وحسن سيرتك بين الناس 
وحبنا جميعاً لك 
إلى اللقاء في عالم أفضل 
ستظل إبتسامتك شئ نتذكره دائماً
رحمك الله يا باسم وأسكنك فسيح جناته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق