يوميات المتظاهر الصغير الجزء الخامس




يناير سنة 2020
بابا...بابا -
- نعم ياحبيبي
- أنا زهقت من البلد دي بقى شوفلنا حته تانية نعيش فيها
- ايه يانهار أسود .....ايه اللي انت بتقولوا ده يا ولد ....عيب كده
- ليه عيب ليه أنا زهقت و قرفت و أصحابي الأجانب بيتريقوا عليا


- قطع لسانهم كلهم ....بيتريقوا عليك ليه دول
- بيقولولي انتوا بلد مالكوش لازمة
- نعمممممم......إحنا مالناش لازمة داحنا ياما عملنا حاجات يا حبيبي أقعد بس لما أحكيلك
- ها يا بابا عملنا ايه احكيلي
- احنا الفلراعنة بنينا الأهرامات وعملنا حضارة من 7000 سنة قبل كل الحضارات
- 7000 سنة!!!! (الولد يصيح بقرف ودهشة)
7000 سنة ايه يا بابا بقولك صحابي مش فوج سياحي!!!
يا بابا قوللي احنا عملنا ايه قريب كده حاجة في تارخ مصر الحديث
-عرفت تاريخ مصر الحديث دي منين ياولد؟؟!!!! (أنا أصيح غاضباَ و مستنكراَ)
- قالوهالنا في المدرسة
- يقطع المدارس الأجنبي و سنينها الكلمة دي عيب.... سامع .....أوعى أسمعك بتقولها تاني
- حاضر (الولد يرد منهزماً)
- يعني ايه تاريخ مصر الحديث (انا محاولاً مباغتة الولد بسؤال محرج يمكن يطلع مش فاهم حاجة و أقوله روح ذاكر بعدها)
- يا بابا تاريخ مصر الحديث ده يعني الخمسين سنة اللي فاتوا
-أه طب ما تقول كده لازم تقولي تاريخ مصر الحديث و تاريخ مصر القديم؟؟!!
و بعدين ازاي تسأل سؤال زي ده ؟؟؟ انت نسيت حرب أكتوبر العظيمة و ما فعله المقاتل المصري الذي سطر أمجاد التار....
-الولد مقاطعاَ: بابا
- اسقطنا خط بارليف المنيع و عبرنا قناة ال......
- الولد مقاطعاً مرة أخرى : يا باباااااااااااااا
نظرت للولد غاضباً : ايه عاوز ايه مش عاوز تسمع تاريخ مصر الحديث؟؟
- حديث ايه يا بابا دي حاجة فات عليها بتاع خمسين سنة
- لأ ياولد لسة فاضل 3 سنين
- الولد غير منتبهاً لمقاطعتي: و بعدين الخمسين سنة دول شوف اسرائل بقت فين واحنا بقينا فين شوف متوسط دخل الفرد في اسرائل كام  واحنا كام انت عارف ان بقى في 7 جامعات في إسرائيل من أفضل 500 جامعة في العالم و مفيش ولا جامعة مصرية عارف الناس دول بيصنعوا ايه دلوقتي ؟عارف حجم صادرتهم قد ايه ؟ ده اللي هما عملوه في تارخهم الحديث ....احنا بقى عملنا أية؟؟؟ (الولد يسأل بطريقة من نفذ صبره ولا تخلو عباراته من التهديد و الإستهزاء)
- انا في سري (يا نهار أسود هو عرف المعلومات دي كلها منين)؟؟؟!!!!!
و بدأت أرد متلعثماً: إحنااا.....إحنااااا.....عملناااا....عملنا أه عملناااا
إحنا أخدنا كأس.............
هزيت دماغي وأنا ماشي في شارع جامعة الدول العربية بإتجاه جامع مصطفى محمود حيث المكان المتفق عليه لتجمع مظاهرة المهندسين
كان عقلي الباطن و الظاهر رافضاً تحمل نتيجة هذه المناقشة أو إستمرارها حتى ولو في خيالي
ده غير ان الواد ابني ده كان شكله رخم قوي و يظهر هيطلع لأمة (بإعتبار ان أنا نسمة زي ما كلكم عارفين)
بدأت أقرب من ميدان مصطفى محمود و بدأت أسمع أصوات الهتافات من بعيد 
و بدأ قلبي يدق بشكل غريب محصليش قبل كده حتى في أول مره (وأخر مرة) مسكت فيها ايد بنت
و شعرت ولأول مرة بمعنى كلمات الفنان العالمي محمد سعد التي قالها في فيلمه الخالد "الليمبي" حينما قال :خايف و ركبي بتخبط على الجيران"
كنت خايف فعلاً بس كان مستحيل أرجع
و بدأت أحمس نفسي تاني بالرسالة اللي نازل عشانها
انا بنزولي ببعت رسالة لكل الناس اللي خايفة (باعتبار ان أعصابي خفيفة)
و لكل الناس اللي بتقول مالناش دعوة (باعتبار اني عمري ما شاركت في حاجه زي كده قبل كده)
و لكل الناس اللي بتقول دول أحزاب أو حركات سياسية أو إخوان أو ناس عاوزة تخرب البلد أو شباب عاطل أو تافه أو مضحوك عليهم (بإعتبار اني مش أي حد من دول)
ونزولي معناه نزول ناس أكتر و الناس الأكتر هتفوق ناس أكتر و يمكن نوصل لبعض مطالبنا
و فعلاً بعد نزولي بحاجة بسيطة بدأت الرسايل و المكالمات توصل
ناس كتير من صحابي بدأوا يكلموني و يقولولي :هااا ايه النظام؟ في ناس كتير؟ طيب بيقولوا ايه؟ انت كويس؟ طيب الدنيا أمان؟
أول ما وصلت لقيت الأمن المركزي محوط على الناس اللي بتهتف
وكانوا عمالين يقولوا "يا حرية فينك فينك .....حسني مبارك بيننا و بينك"
و "تغير ....حرية.... عدالة إجتماعية" و "أمن الدولة ..يا أمن الدولة....فين الأمن وفين الدولة"
عددهم مكانش كبير حوالي 200 أو 300 واحد بالكتير
و نتيجة لأن خبرتي في المظاهرات تساوي صفر مبقتش عارف المفروض أعمل ايه
قلت أنا هقف ساكت كده أراقب شوية
لقيت الناس بتدخل من جنب الأمن المركزي و بتطلع عادي قمت داخل معاهم
انا دخلت من هنا و الأمن المركزي قام قافل على المتظاهرين و مبقاش فيها لا دخول ولا خروج يا معلم
و التانيين كمان مش يلموا الدور بقى؟؟؟لأ لقيتلك قاموا مغيرين الهتاف ل "يسقط يسقط حسني مبارك"
قلت في سري "الله الله الله ايه يا جماعة انتوا كنتوا مستنييني ولا ايه؟؟؟؟وبعدين مش كنا متفقين ان في شوية مطالب الأول؟؟؟هندخل شمال في الريس كده على طول؟؟؟؟؟
بصيت يمين و شمال لقيت الدنيا مقفله
قلت مابدهاش بقى
"يسقط يسقط حسني مبارك.....يسقط يسقط كل مبارك.....حسني مبارك...باااطل.....وجمال مبارك.....بااطل.....وسوزان مبارك...باااطل.....لجنة سياسات...باااطل.....والحريات....باااطل"
و أثناء ما كنت مندمج في الهتاف لقيت فجأة الناس بتجري 
اتخضيت و افتكرت ان الضرب بدأ
انا بصراحة و بجد مكنتش خايف من الضرب أو اني أموت ...انا بس كان كل هدفي مايتقبضش عليا
المهم طلعت أجري بسرعة و وأنا بجري اتكعبلت وقعت على ايدي و اتعورت
و سمعت صوت جاي من جنبي "أسم الله عليك ياحبيبي ....قوم قوم بسرعة"
كانت واحده ست كبيرة كده من اللي بيبيعوا حاجات جنب الجامع
قمت و بصيت حواليا لاقيت الناس طلعوا من قدام مصطفى محمود و بدأو يدخلوا على شارع جامعة الدول نفسه
اتاري ايييه بقى.....الأمن المركزي بيحوط المتظاهرين و بعدين لما العدد يبتدي يكبر 
الأمن المركزي بيسيبهم و بعدين يبتدي يحوطهم من أول و جديد و ده لسببين 
أولاً انه يقسم المظاهرة او يفتتها
ثانياً عشان يعرف خط السير فيستعد في المكان التاني اللي المظاهرة هتتجه له
طبعا انا نتيجة لجهلي الشديد ماكنتش فاهم ده ووقعت  و لما وقعت فهمت طبعا ان انا لو الأمن فكر يمسك حد في المظاهرة دي هيكون أنا أول واحد لأن مفيش أسهل من كده حد يمسكه "متأمر وأهبل "
المهم اني لما وقعت اتعورت
و بدأت أبص على ايدي وهي بتنزف و حسييت اني مبسوووط قويييييييي
الله....الدم ده نازل في سبيل حاجة
الدم ده نازل في سبيل بلدي
انا اتعورت و حاسس بوجع دلوقتي عشان مصر...بلدي...عشان الناس الغلابه تعيش...وعشان انا وصحابي ترجعلنا كرامتنا 
شعور لا يمكن وصفه بأي كلمات
من كتر ما كنت فرحان بالدم ده ماكنش راضي انشفه 
وماكنتش عاوز ايدي تخف و بقيت حاسس اني نفسي أوريها لكل الناس
فهمت منى كلمة شرف الإصابة في سبيل هدف نبيل
قمت بسرعة وطلعت أجري عشان الحق المظاهرة و بدأت أكون أكثر جرأة و شجاعة و إصرار على اللي بعمله
و قبل ما أقوم مسكت موبايلي وكتبت كلمة واحده على الفيس بوك "مش جبان"
و بدأت أتحرك مع المظاهرة و بدأت أصور و ارفع لأصحابي الصور على الإنترنت عشان يشوفوا العدد و هو بيكبر و الناس قد ايه شكلها جميل و متحضر "
و بدانا نردد "يا أهالينا يا أهالينا......يا أهالينا أنضموا لينا"
و نبص للناس في الشبابيك و البيوت و نقولهم "انزلوا من بيوتكم......احنا نازلين عشانكم"
و بين الهتاف و الهتاف كان يتردد شعار واحد متفق عليه قولاَ و فعلاَ
"سلمية....سلمية"
و الناس مكانوش بس سلميين ...لأ
كانوا بيدافعوا عن سلميتهم دي
بمعنى أنهم مكانوش بيسمحول لحد من الشرطة انه يهاجم شخص مسالم
و ده تحقق قدامي لما حاول أحد الضباط القبض على شخص من بين المظاهرة(ومش عارف ليه إختار الشخص ده بالذات) اتلم الناس كلها حوالين الشخص ده و سحبوه من ايد الضابط اللي رفع ايده وكأنه هو كمان بيقول "سلمية ....سلمية" 

من الحاجات اللي لاحظتها في المظاهرة دي ان الناس المشاركة معظمها إن لم يكن كلها من الطبقة المتوسطه و الغنية
وده كان مخللي  المظاهرة ليها شكل حضاري جميل وكان تواجد عنصر البنات برضه شئ لا يمكن إغفاله
كانوا موجودين وكتير ومع ان الواحد في سن حرج و بيدور على عروسة وكل البنات اللي كانوا هناك كان فيهم كل المواصفات المطلوبة من جمال و ثقافة و قوة شخصية
 الا اني مسكت نفسي و مارضتش أجر كلام مع أي واحدة فيهم "ومش عشاني....ده عشان مصر والله"
الملحوظة التانية :أو شهادة الحق اللي لازم اقولها إن قوات الأمن لم تتعرض لأي شخص خلال المظاهرة دي 
كانوا فقط بيحاولوا يفرقوا المظاهرة بالطرقة اللي شرحتها قبل كده بأنه يفتح الكوردون الي هو عامله و يرجع يقفله تاني
لكن الطريقة دي كانت بدأت تفشل لأن العدد كان بدأ يكبر قوي و مابقوش قادرين عليه
اما الملحوظة الثالثة ودي كانت الأغرب أن وسائل الإعلام كلها بما فيها الجزيرة و العربية لم تذيع كلمة واحدة عما كان يحدث في ذلك الوقت حتى الساعة السادسة مع العلم اننا كنا قد بدأنا من الساعة 12 ظهراً
ولحد دلوقتي مش عارف ليه اتأخروا كده؟؟؟!!!

تحركت المظاهرة في شارع جامعة الدول العربية رايح جاي مرتين و بعدين دخلنا على شارع البطل أحمد عبد العزيز مروراً بكوبري أكتوبر و كوبري الدقي ثم ميدان الدقي و العدد يتزايد و يتزايد حتى وصلنا تقريباً الى 10000 أو 15000 شخص
و من ميدان الدقي دخلنا شما في شارع التحرير متجهين نحو ميدان الجلاء 
وكنت طول مأنا ماشي شايف على وشوش الناس اللي حوالينا إنطباع واحد بس
"حالة رهيبة من الدهشة"
الناس مكانتش مصدقة
ايه العيال دي؟
ومالهم كتير كده؟
وايه اللي هما بيقولوه ده؟
و سمعت واحد وانا ماشي بيقول: يعني عاوزين كرامه يعملوا بيها ايه...ويصرفوهالكوا منين الكرامة دي؟؟؟"
فضلنا ماشيين لحد ما وصلنا ميدان الجلاء وبدأت يبان ان الإتجاه هو ميدان التحرير
لما وصلنا عند كوبري الجلاء و أمام قسم الدقي بدا الأمن يبقى أقوى شوية
مش بيستخدم العنف 
بس مكانوش سامحين ان الناس تعدي للتحرير
وأثناء ما كنا واقفين جه وقت صلاة العصر وبدأت الناس تصلي في الشارع و أمامها الأمن المركزي و دخلت أنا كمان أصلي معاهم
وانا فاكر ان اثناء ما كنت باصلي دخل واحد جنبي في الصلاة و أصحابه كانوا بيقولوا له "ايه يا فلان دانت عمرك ما عملتها"
وده يوصلك حالة المثالية اللي الناس كانت حاسة بيها
 كمان يوصلك قد ايه في ناس كتير نفسها تبقى كويسة بس المناخ حواليها فاسد و مش بيساعد على ده
خلصنا صلاة و بدأت الناس واحده واحده يتعدي لتحرير
والأمن يفتح شوية و يقفل شوية ومر بعضنا للتحرير عن طريق كوبري قصر النيل و البعض الأخر (وأنا واحد منهم) عن طريق كوبري أكتوبر  (لاحظ ان كل ده مشي ) وأثناء كل ده مافيش اي حاجة ولا اتكسرت ولا أتسرقت ولا أتخربت ولا حد أتحرش بحد ولا اي حاجة حصلت من السلبيات اللي بنشتكي منها في مجتمعنا أو من اللي بتحصل في تجمعات زي دي
أثناء طريقنا كنا بنحاول نتكلم مع الضباط كتير لما يمنعونا نعدي و نقولهم احنا نازلين نطالب بحقوق مشروعة لينا و ليكم
وانتم شباب زينا
و انا فاكر ان الضابط اللي كان واقف على كوبري اكتوبر و معاه عساكر الأمن المركزي بالعصيان و الدروع بتاعته لما طلعتله من مطلع العجوزة و قفل علينا سألته أثنا ما كنا بنتكلم معاه "هو انتم ممكن تضربوا ناس زي دي لمجرد انهم ماشيين في مظاهرة سلمية؟؟" رد و قاللي "لأ طبعاً مستحيل...دي بلدكوا و ده حقكم بس احنا خايفين حد يدخل ما بينكم و يخرب" وأمر العساكر انهم يفتحولنا و قالهم "ماحدش يضرب" 


ومن الملا و أول ما عمل كده كلنا قعدنا نصقفلوا واحنا بنهتف "سلمية .....سلمية"
ووصلت التحرير في حدود الساعة 4 او 5 المغرب لكن الوضع في التحرير لم يكن سلمي زي الأول من تجاه الشرطه
فبدات القتابل المسيلة للدموع تنزل علينا 
و بصراحة دي كانت أول مرة يحصللي الشرف وأتعامل من قرب مع قنابل بشكل عام و المسيلة للدموع بشكل خاص
و يبدو أنني من حرارة اللقاء بدات ابكي بشدة تأثراً بهذا اللقاء الحميم الذي طال انتظاره بيني و بين الست "مسيلة"
بعد شوية هدأت الأمور 
و سمعت ان القنابل دي كانت نتيجة ان المتظاهرين كانوا عاوزين يوصلوا لمجلس الشعب لكن الأمن رفض و قاوم الموضوع ده بشده
فالناس قررت أنها تستقر في ميدان التحرير
و قعدنا في الميدان و تم محاوطة كل مداخل و مخارج الميدان بالأمن المركزي
و بدأت أقابل ناس أعرفهم
و ناس تانية من اللي قالولي انهم نازلين 
وقابلت ناس كتيرة قوي
وشعرت بإطمئنان كامل ولو اني ماكنتش عارف الوضع ده هيخلص على ايه
و كمان كنت قلقان من منظر الأمن حوالينا و الحنية الزيادة اللي كانوا بيتعاملوا بيها مع الناس من أول اليوم
وتحول ميدان التحرير في هذا اليوم الى "يوتوبيا"
مجموعة من الشباب تهتف و تتظاهر و مجموعات تانية متفرقة اللي بيقول شعر و اللي بيغني 
مشهد جميل و حضاري صعب يتنسي
و من المشاهد اللي أذكرها برضه صلاة العشاء في جامع مكرم عبيد في اليوم ده
لأن الصرة دي كانت بتجمع بين المتظاهرين و جنود و ضباط الأمن المركزي
و كان منظر غريب قوي
العسكري أو الضابط واقف جنبك و بيساوي معاك الصف وهو معلق في جنبه العصاية اللي هيطلع يضربك بيها برة
وبصراحة أنا اتخدعت جامد في المنظر ده وقلت لأ كل الحكومة قررت تتعامل مع الموقف بشكل تاني غير القمع
يمكن هيطنشوا و يسيبوا الناس لما تتعب و تروح لوحدها 
الله أعلم
لكن شكلهم مش هيضرب
وعدى الوقت بسرعة وأنا بعيش أجمل لحظات حياتي
في ميدان الحرية 
أو اليوتوبيا
لن أنسى منظر الشباب و هما بيلموا الزبالة عشان الميدان يفضل نظيف
ايه ده؟
هي دي مصر بقى اللي كانوا بيقولولنا عليها عظيمة و مكانش باين عليه
كان في حوالي 25 الى 30 ألف بني أدم في اليوم ده في ميدان التحرير
ولا مسمعناش عن تحرش مع ان كان في بنات حلوين كتير
ومسمعناش عن حاجة اتسرقت مع ان الكاميرات و الموبايلات مكانش في أكتر منها ولا أسهل من سرقتها
مسمعناش غير كلمة واحده وحاجه واحدة في اليوم ده
"مصر"

قررت اني اسيب ميدان التحرير وارجع في حدود الساعة 11 و نص كده 
كانت الناس بدأت تستقر و قرروا انهم يعملوا إعتصام لحين تلبية مطالبهم وأنا كان لازم أروح أكل و أشحن موبيلاتي و أشوف هنزل تاني ولا خلاص كده 
قلت هروح اتابع بس كده الأخبار فيها ايه وارجع تاني 
وفي طريق الرجوع عجيت قدام المكان الشركة بتاعتي و كان معايا واحد صديقي من الشغل قابلته في المظاهرة
و لقينا بعض الزملاء و المديرين واقفين تحت الشركة فقررنا ننزل نسلم
اليوم ده كان أجازة و كنا مدعوين أنا و بعض مديرين الشركة على الغذاء عند العضو المنتدب لشركتنا
وهو شخص أعزه و أحترمة و أقدر رأيه و له مكانة خاصة في قلبي
لما نزلنا نسلم على الناس قوبلنا بأنتقادات و تريقه شديدة أنا و صديقى
وكانت أكتر حاجة وجعتني في التريقة دي انها صادرة من شخص أنا باحترم رأيه جدا 
لأنه خلاني احس أن كل المجهود اللي بعمله ده مالوش فايده
وان انا بنساق مع الناس الهايفة اللي موارهاش حاجة وخلاص و ان تفكيري محدود
كل ده وصلني من سؤال واحد سأله ليا
"انت نزلت المظاهرات؟؟"
فجاوبته و قلتله "أه" وبدأت أرد عليه بحماس جدا و فخر  و أحكيله على اللي حصل و اللي عملناه من أول اليوم
و سألني سؤال تاني كان فيه نبرة تهكم و إستخفاف: "هااا و حصل ايه بقى؟؟"
قلتله محصلش حاجة بس على الأقل الناس طلعت تعبر عن رأيها
واستأذنت 
ومشيت

وصلت صاحبي وأنا حاس بضيق و إحباط شديد من كلام مديري
وأول ما وصلت البيت مقدرتش أقاوم دموعي و بدأت ابكي بشكل هيسيتيري
معرفش كنت باعيط ليه
عشان مفيش فايده
ولا عشان مصدوم 
ولا عشان محبط
لكن أكيد كان في شحنة جوايا لازم تطلع
وحوالي الساعة 12 و نص كده لما بدات افوق فتحت التلفزيون و بدأت أتابع الأخبار
وكانت الأخبار الواردة في الوقت ده مؤسفه 
جـــــــداً
مـؤسفـــــــــــــــــــة
إلى أبعد الحدود  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق