يوميات المتظاهر الصغير الجزء الثالث


الجزء الثالث
انقسمت الأغاني الوطنية في الفترة الأخيرة إلى 3 أنواع
نوع صادق و يتحدث عن حال البلد و ده بطبيعة الحال كان بيبقى مادة خام للنكد نتيجة لأن حال البلد يغم زي رائعة جمال بخيت "مش باقي مني"
نوع جمالي واللي كان بيلعب على وتر جمال الطبيعة في مصر أو  طيبة أهلها وذلك ليحافظ على البقية الباقية من ماء وجه ذلك الوطن الذي أوشك على الإندثار زي مثلاً "مشربتش من نيلها"
أما النوع الثالث فمش لاقي له اسم ولا وصف فهو أقصى طموحاته و اماله كانت تتحدث عن وصول مصر لكأس العالم على طريقة والله و عملوها الرجالة ورفعوا راس مصر بلدنا؟؟؟طب كنا هنعمل ايه لو منتخب اليد للسيدات حصل على كأس العالم  مثلاً؟؟  
ويمكنك أيضا ان تضيف لهذا النوع الأغاني الخاصة بالتمجيد الشخصي و النفاق
و بصفة عامة فإن هذا النوع الثالث كان دائماً ما يتميز بركاكة الألفاظ و عدم وجود لحن تقريباً و فراغة المضمون
فحتى عندما تصادف أغنية تبدوا كلماتها جيدة فإن المغزى من الأغنية تجده واهياً
زي مثلاً "بلدنا في القلوب متشاله و مهما تضيق عليها الحالة ولادنا قدها و رجالة منعرفش انكسار" 
الله ايه الكلام الحلو ده؟! تيجي تسأل بقى هي ايه الحال اللي ضاقت و الرجاله ربنا يحميهم هيطلعونا منها 
فتلاقي سبب الأغنية إن الجزائر غلبتنا على أرضها و هنخرج من التصفيات!!! يا نهار اسود هو ده الإنكسار؟؟؟؟؟
لكن و الشهادة لله .....سيشهد التاريخ أنه خلال هذه الفترة كان لمصر أربع فرص حقيقية على مرمى هولندا في كأس العالم بس منه لله بقى "توفيق" اللي بيقولولنا انه مجاش ده كل مانتغلب 
و في جميع الأحوال ايا كان نوع الأغاني الوطنية اللي بتحب تسمعه فمكانش ممكن تسمعه على الملأ إلا في حالة واحدة بس.......ايوة لو كسبنا الجزائر 


لكن مسألة انك تشغل أغنية بتتكلم عن البلد أو الوطن في العربية و تندمج معاها حبة و تعليها ده كان مصيبة سوده تؤدي ان الناس تعاملك كأنك مشغل حاجه خادشة للحياء!!؟؟
أنا بطبيعتي بحب أسمع الأغاني القديمة مش الجديدة
لذلك بدأت خلال الفترة بتاعة وقفات خالد سعيد دي أسمع أغاني يا إما من النوع الأول يا إما أغاني وطنية قديمة
واثناء ما انا كنت بسمع الأغاني القديمة فهمت كويس قوي الناس كانت بتحب عبد الناصر ليه وليه كانت كلمة مصر وقتها ليها معنى كبير مع اننا مكناش عارفين نوصل لكاس العالم برضه!!!
الأغاني في الوقت ده كانت بتتكلم عن حاجات الناس كلها متوحدة عليها و بتوصلهم فكرة ان احنا بنتحدى الصعاب و العالم كلة لكي نصل إلى اهدافنا
شوف عبد الحليم و هو بيقول "قلنا هنبني وادي احنا بنينا السد العالي يا إستعمار بانيناه بإيدينا السد العالي من أموالنا بإيد عمالنا"
دلوقتي أنت لو مصري شاب عايش في الوقت ده و سمعت الكلمتين دول تتحمس ولا لأ
أكيد تتحمس
ده غير طبعاً الأغاني اللي كانت بتتكلم عن حلم العروبة و الوطن العربي و الأغاني التي تحدثت عن الثورة
هذه الأغاني كانت تتحدث عن أمجاد حقيقية أو على الأقل معاصرة و ملموسة 
المهم قررت بما أني بدأت أعمل فيها وطني و بتاع مواقف
فكرت ان مدام أنا مش بقدر أمشي في مظاهرات و الكلام ده 
و بما أني عندي عربية فيها كاسيت ب 6 سماعات و اكولايزر
ليه مشغلش الأغاني دي و أعليها
أسمعها للناس 
أفكرهم ان في بلد هنا
أو كان في بلد على الأقل
و بقيت بعمل كده فعلاً
انزل ..أركب عربيتي ..أشغل أغنية صورة مثلاً و أعليها
و على اللي كان بيحصللي و للي كنت بسمعه
الناس كانت بتبصللي بصات كلها شر 
وان اكنت بحاول أعمل عبيط
بس بصراحة أنا كنت بتأثر بالأغاني بجد
كنت بحب قوي عبد الحليم وهو بيقول "قدامه من أغلى ولادنا عامل و مهندس عرقان...شبان و الشبان في بلدنا في الصورة في أهم مكان" كنت بحب أسمعها وانا رايح الشغل كانت بتحسسني ان ليا أهمية
و كمان كنت بحب قوي أغنية سواد العسل بتاعة فيلم عسل أسود لأن الأغنية دي بالذات كانت بتعبر عن حالتي قوي
طارداك وهي بتحضنك و هو ده اللي يجننك بلد ما تعرف لو ساكنها ولا هي بتسكنك"
مرة واحد واقف جنبي في الإشارة لاقيته قام ناده عليا و قاللي ممكن اسألك سؤال
قلتله اتفضل
قال لي بإمتعاض شديد انت مشغل اللي انت مشغله ده ليه
لاقيت نفسي بقوله بتلقائية شديدة أصلي بحب البلد دي قوي 
ازدادت نظرته إمتعاضاً وكان ناقص يرجع ولاقيته قام قايللي "جتك القرف"
و مشي....



شعور من الإحباط طبعاً لا يمكن وصفه
الشعور ده مكانش جايللي بس من كلام الراجل ليا لكن لأن الناس شايفة ان حب البلد دي قرف
ياااااه ليه وصلنا للمرحلة دي ؟؟؟
لكن بعد ما رجعت البيت و قعدت أفكر قلت لأ انا هفضل أعمل كده 
مش أحسن ما أشغل "هزيها براحه براحه"
يعني انا لما اسمع "عاش الطالب يوم ما طلب العلم كتاب وسلاح عرف العلم وسيلة تحقق غاية كل نجاح" يبقى عيب وأتشتم ولما أسمع "أنا شارب سيجارة بني و حاسس ان دماغي بتأكلني" يبقى مش عيب و الناس ممكن تتجاوب و ترقص في الشارع؟؟؟!!!!
لأ في حاجة غلط
أكيد انا اللي صح
واستمريت 
و كنت بغني بكل إنفعال مع الأغاني دي 
و أسيب الناس تقول عليا مجنون وإن كان بعضهم كان يتعاطف
عدت الأيام وأنا على نفس الوتيرة
إهتمام بأخبار البلد متزامن مع حالة إحباط شديد طبعاً
 وصلت لبداية التفكير في الهجرة 
وإن كانت حالة الخوف كانت قد بدأت تزول رويداَ رويداَ
فبعد ما كنت بدخل على صفحة خالد سعيد بأسم مستعار بدأت أدخل بأسمي الحقيقي و أحياناً كنت أتجرأ و أقوم بالرد أو إضافة تعليق على الأحداث 
وجاءت الأحداث المشؤمة لكنيسة القديسين
ومع بداية هذه الأحداث وجدت نفسي أشعر بمسؤلية رهيبة تجاه هذا الوطن
هذه المسؤولية تنبع من وسطيتي 
بدأت حملة تلقائية من الدفاع عن فكرة الوحدة الوطنية
اتكلمت مع كل الناس 
مسلمين و مسيحيين 
تناقشت مع ناس لا أعرفهم
كنت خايف قوي
الفتنة في مصر تم تغذيتها بذكاء خلال الأعوام الماضية و بقت عاوزة زقه صغيرة عشان تولع و تاكل البلد كلها
و بعدين انا كنت دايماً مقتنع بفكرة واحدة
لا يوجد اضطهاد من المسلمين للمسيحيين في مصر
بل يوجد اضطهاد من الحكومة تجاه المواطنين مسلمين أو مسيحيين
و نتيجة لعدم قدرة الطرفين من اخذ حقهم من الحكومة 
فبيخبطوا في بعض و يتبادلوا الإتهامات و السباب و الضرب
وما اسهل نشر الفتنة في تلك الظروف
و اللعبة بالنسبة ليا كانت واضحة و صريحة "فرق تسد"
بس مش عارف ليه مكانتش واصلة لكل الناس
تمر أيام قليلة بعد حادث الكنيسة ويظهر الحدث الأكبر
تونس تثور
طب ما تثور ايه يعني
مظاهرات جامده قوي
عادي يعني ماحنا اتهرينا مظاهرات ايام الجامعه (قال يعني كنت بشارك)
لكن في يوم كده قاعد لقيتهم ببقولوك  الرئيس التونسي هرب
ين نهار اسود هرب؟؟؟؟!!!!!!!
هرب ليه
قاللك اصل الشعب عمل ثورة
ايه ده عملوا ثورة فمشي؟!!!
هو ينفع؟؟؟؟؟
قعدت أسمع الأخبار بقى وأتابع كان ايه اللي بيحصل لقيته كربونة من مصر
رئيس قاعد و مبلط من مش عارف كام و عشرين سنه
مراته و قرايبها مكوشين على إقتصاد البلد كلها
رشوة...فساد...وسايط....تملق....تزوير
هي هي نفس مشاكلنا
بس الأخ بن علي كان مزودها شوية في موضوع القمع و مكانش مخللي حد يفتح بقه على عكس سياسة الرئيس السابق (حلوة السابق دي) حسني مبارك اللي كان سايب اللي يتكلم يتكلم المهم ميعملش أي حاجه
و طبعاً بدأ عمنا الأدمن بتاع جروب كلنا خالد سعيد يقولك عاوزين نعمل زيهم
عاوزين نعمل زيهم 
عاوزين نعمل زيهم
وانا دماغي مش بيرن فيها غير سؤال واحد....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق