مقال متعثر

ليست المرة الأولى التي أجلس فيها هذه الجلسة
مجهزا أوراقي و أقلامي
مهيئاً كل الأجواء المحيطة 
فلقد بدأت في تدوين كتاباتي و خواطري منذ عام 2006
و يجب أن أنجح هذه المرة
لخمسة أعوام كاملة أفشل في إنجاز هذه المهمة
فشلت حتى في أن أكتب سطرا كاملاً
جملة مفيده
أو حتى كلمة معبرة
على الرغم من انني كنت أظن أن الموضوع سهلا و بسيطأً
فكم جلست و دونت الكثير من خواطري و عبرت عن كثيراً من أفكاري و أحاسيسي وكان الأمر سهلاً 
وكان المعنى يصل
فكيف أفشل في التعبير عن أكثر المشاعر صدقاً داخل قلبي
كيف لا أستطيع أن أعبر عنك يا أمي
لا أدري لم كلما  بدأت في الكتابة يعاندني قلمي في التعبير
فقلمي يخجل أن يعبر عن مشاعر هي أسمى و أرقى من أن تكتب حبراً على ورق
أو لعله عقلي الذي يضطرب و يفقد صوابه و ترتيبه لأفكاره بمجرد أن يجول طيفك بخاطره
أو هو قلبي الذي يهفو و يبدأ في الخفقان بشدة لإشتياقه إليك يا أمي
أ - م - ي كلمة لم يقدر لي الله أن تجري على شفتاي طويلاً
فحروفها تبدو غريبة على لساني لا أنطقها كثيراً
ولكنها أبداً ليست غريبة على قلبي و عقلي اللذان لم تغيبي عنهما للحظة
فمازلت يا أمي أتوارى خجلاً عندما أخطئ و أخشى أن تلاحقني عيناك بنظرة لوم
ومازلت أختبئ كطفل خلف ظهرك مستتراً من قسوة الأيام
لكم جريت مهللاً نحوك يا أمي حينما أحقق نجاحاً جديداً قائلاً "انظري يا أمي لقد فعلتها" "أنظري يا أمي و تباهي بي"
و أقسم أنني أشعر بضمة يدك على رأسي وأرى إبتسامتك الحنونة تقول "فخورة أنا بك يا بني"
أقسم أنني لطالما تواريت خجلاً و بكيت على أخطائي لأنني أعلم أنك ستؤنبينني عليها
كثيراً ما وقفت حائراَ احمل أيامي و أحلامي بين يدي و أبحث عنك كي أسأل سؤالاً واحداَ
أراضية أنت يا أمي؟
أهكذا تمنيت أن أكون؟
أم كنت تتمنين شئ أخر؟
قولي لي يا أمي و سأنفذ
فما أريد إلا أن أكون كيفما تشائين يا أمي
فهل أحصد في حياتي من شئ إلا وقد نثرتِ بذوره
هذا الكلام الذي يجري على لساني الأن أليس أنت من علمني حروفه
هذه الخطوات التي أخطوها على الأرض بقوة ألم تكوني أول إستندت عليه لأخطوها
فكيف لا أكون ما تريدين يا أمي؟
أفتقدك  يا أمي بعدد من رأيت من أمهات بحثت عنك بين وجوههم
أفتقدك يا أمي بعدد ما يتردد في صدري من أنفاس
أفتقدك بعد المرات التي حرمت فيها من نطق إسمك
أفتدك بعدد الأيام التي خرجت فيها من بيتي دون دعائك
أفتقدك بعدد ساعات الفرح التي صارت دن وجودك كلوحة جميلة و لكن بهتت ألوانها
 فمنذ رحيلك يا أمي صارت كل أيامي سواء
صارت الحياة نوعا من البلاء
صارت الإبتسامة مكسوة بطعم البكاء
لذا فارجوكم لا تلوموني إذا شعرت تجاه حياتي بشئ من الإستياء
أتعجب كثيرأ ممن يقولون لأمهاتهم مازلت يا أمي أذكر يوم فعلنا كذا و كذا
فهل يمكن أن أنسى أصلاً
أليست أمي السبب في كل ما هو جميل حولي؟
اليست كل حر وكل سكنة منها كانت تعبيراً عن حب يفيض به قلبها تجاهي
لاأتعجب يا أمي أبداً من قدر حبي لك 
و لكني أتعجب بشده من قدر حبك لي
حتى عندما رحلت يا أمي تركت لي من رحمك أختان يعوضاني عن جزء من حنانك
فكل ما غرست فينا نحن أبنائك يا أمي من قيم ومبادئ وأخلاق إنما هي زهور ينتشر عبيرها بيننا لتذكرنا دائماً بما أنعم الله علينا به من نعم و لتجمل بألوانها مشهد الحياة بدونك
فلقد تركت بداخل كل منا ياأمي جزء من رقة قلبك و لمحة من حنانك ولمسة من طيبتك
حتى صرنا نجدك بيننا كلما أجتمعنا 
ونعاني وحدتنا وضعفنا بدونك كلما إفترقنا 
فنظل دائماً مجتمعين
لقد تركت داخلنا يا أمي ما يجعلنا نشعر بالحب و الإمتنان تجاه كل أم نراها
ونشعر بالبغض و الضيق تجاه كل من يؤذي أمه 
كانت هذه هي القيم و المبادئ التي زرعتيها بنا يا أمي 
والتي نعتذر لك إذا ما كنا نحيد عنها أحيانا 
ولكن الدنيا صارت اشد قسوة عن ما تركتها يا أمي
و تزداد قسوتها بغيابك عنها

لا أرغب أن أتوقف عن الكتابة لكي لا أحرم من ذكر كلمة أمي ثانية و لكن لكل شئ نهاية
وفي النهاية يا أمي
لا يسعني سوى أن أقول كلمتان تحملان من الأمل قدر ما تحملان من الحب و الشوق
إلى اللقاء
يا أمي


ملحوظة:
أعتذر عن تكرار كلمة "أمي" في المقال
وأعتذر عن عدم ترتيب الأفكار فقد اختلطت مشاعري بشده أثناء الكتابة و توقفت عن الكتابة عدة مرات
 و لكني كنت مصراً أن أهدي شيئاَ لأمي هذا العام
كل سنة وكل أم طيبه :) 




هناك تعليق واحد:

  1. احلى حاجة قريتها فى 2011
    و احلى حاجة فيها ان كلها احساس
    اكيد ماما مبسوطة اوى بيك دلوقتى و شايفة حبك ليها و فخورة اوى بيك :)

    ردحذف